رفع دعوى في مكتب العمل: دليلك لتقديم الشكوى واسترداد حقوقك خطوة بخطوة

يواجه العديد من العمال والموظفين في السعودية تحديات في بيئة العمل قد تصل إلى حد انتهاك حقوقهم القانونية، مثل تأخر دفع الرواتب أو الفصل التعسفي أو حرمانهم من مستحقاتهم. في هذه الحالات، يكون مكتب العمل الجهة المخولة لاستقبال الشكاوى العمالية ومحاولة حلها وديًا قبل تصعيدها إلى المحكمة العمالية. توفر وزارة الموارد البشرية (مكتب العمل) آليات واضحة لرفع دعوى في مكتب العمل واسترداد الحقوق خطوة بخطوة، مما يضمن حماية حقوق العاملين وتعزيز بيئة عمل عادلة. في هذه المقالة التفصيلية، سنقدم دليلاً شاملاً لكيفية رفع دعوى في مكتب العمل السعودي بالخطوات، إضافة إلى نصائح مهمة لضمان استعادة حقوقك، وإبراز كيفية الاستفادة من الخدمات القانونية المجانية عبر تطبيق استشارتي.

ما أهمية تقديم شكوى لمكتب العمل؟ ولماذا لا يجب التردد في رفع الدعوى؟

إن اللجوء إلى مكتب العمل لتقديم شكوى رسمية هو حق يكفله نظام العمل السعودي لكل عامل يشعر بالظلم أو انتقاص حقوقه. يتيح لك ذلك المطالبة بحقوقك بطريقة قانونية وحضارية بدل السكوت أو التصرف الفردي. عندما تتقدم بالشكوى، يتولى مكتب العمل محاولة التسوية الودية للنزاع بينك وبين صاحب العمل. هذا الإجراء لا يحمي حقك الفردي فحسب، بل يساهم أيضًا في ردع أصحاب العمل عن انتهاك الأنظمة؛ فمعالجة الشكاوى بجدية وشفافية تشجع على الالتزام بالقوانين. لذا، فإن عدم التردد في رفع الدعوى عند وقوع الظلم أمر مهم لضمان بيئة عمل عادلة للجميع. تذكّر أن السلطات السعودية تأخذ حقوق العمال على محمل الجد، حيث تبذل لجان مكتب العمل قصارى جهدها لحل الخلافات خلال المهلة المحددة وبكل جدية. باختصار، إن تقديمك لشكوى رسمية يحمي حقوقك ويضعك على المسار القانوني السليم لاستعادتها.

اقراء ايضا : راتبي متأخر: هل أترك العمل أم أطالب بحقي؟ نصائح قانونية لكل موظف مظلوم

كيف أرفع دعوى في مكتب العمل خطوة بخطوة؟

قد يعتقد البعض أن إجراءات رفع الشكوى معقدة أو تستغرق وقتًا طويلاً، لكن الواقع أن خطوات تقديم الشكوى بسيطة ومتاحة إلكترونيًا مما يوفر عليك الجهد والوقت. فيما يلي دليل خطوة بخطوة لرفع دعوى عبر مكتب العمل:

1. تجهيز المعلومات والأدلة: قبل البدء، جهّز كافة المعلومات الأساسية عن شكواك. اجمع المستندات المتعلقة بالقضية مثل عقد العمل، كشوف الرواتب، أي مراسلات أو رسائل تثبت مطالبك، وأية أدلة أخرى تدعم موقفك. وجود وثائق وأدلة كاملة يعزز من موقفك أمام مكتب العمل ويسهل معالجة الشكوى.
2. الدخول إلى بوابة مكتب العمل الإلكترونية: قم بتسجيل الدخول إلى موقع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية (مكتب العمل) عبر بوابة الخدمات الإلكترونية المخصصةhrsd.gov.sa. إذا كنت مستخدمًا جديدًا، أنشئ حسابًا في بوابة الأفراد (للموظفين والأفراد) أو بوابة المنشآت (لأصحاب العمل) حسب حالتك. بمجرد الدخول، انتقل إلى قائمة الخدمات الإلكترونية الرئيسية.
3. اختيار خدمة تقديم الشكوى العمالية: من القائمة، اختر خدمة التسوية الودية – رفع دعوى (أو خيار “تقديم شكوى” إن وُجد). هذه الخدمة مخصصة لتسجيل شكوى عمالية رسمية لدى مكتب العمل. سيطلب منك النظام تحديد مكتب العمل أو مكتب التسوية التابع لمنطقتك الذي ستُرفع الدعوى من خلاله – عادة يُحدد تلقائيًا بناءً على موقع جهة عملك.
4. إدخال بيانات الشكوى: سيظهر لك نموذج صحيفة الدعوى الإلكترونية. قم بتعبئة الحقول الإلزامية في النموذج بدقةhrsd.gov.sa، وتشمل: بياناتك الشخصية (المدعي)، بيانات الجهة المُشتكى عليها (المدعى عليه سواء كان شركة أو كفيل فردي)، معلومات جهة العمل (مثل اسم الشركة أو المؤسسة)، ووصف موضوع الشكوى. احرص على كتابة تفاصيل الشكوى بوضوح، مثل ذكر الحقوق أو المستحقات التي تطالب بها وأسباب تظلمك وظروف المشكلة. كلما كانت المعلومات دقيقة وشاملة، ساعد ذلك في معالجة طلبك بشكل أسرع.
5. إرفاق المستندات المطلوبة: سيتيح لك النظام خانة لإرفاق الوثائق الداعمة. قم برفع صور أو نسخ إلكترونية من المستندات ذات الصلة بالشكوى، مثل: نسخة من عقد العمل، صور من كشوف الرواتب التي تُظهر التأخر أو النقص، أي خطابات رسمية بينك وبين صاحب العمل، وصور من الهوية الوطنية أو الإقامة، إضافة إلى أي مستندات أخرى تدعم موقفك (كشهادات طبية في حالة إصابة عمل مثلاً). تأكد أن المستندات واضحة ومقروءة قبل الإرفاق.
6. تأكيد الشكوى وإرسالها: قبل الإرسال، سيُطلب منك الإقرار بصحة المعلومات المقدمة والتعهد بعدم كيدية الدعوى (أي أنك لا تتعمد الإضرار بالآخر عبر شكوى كاذبة). بعد ذلك اضغط على زر “إرسال” لإحالة شكواك إلى المختصين. بمجرد الإرسال، ستظهر لك رسالة تأكيد باستلام الشكوى، وقد يُعطى رقم مرجعي للشكوى – احتفظ به لمتابعة حالتها.
7. استلام الإشعارات ومتابعة حالة الشكوى: بعد تقديم الشكوى بنجاح، يقوم مكتب العمل بمراجعة الطلب من قبل المختصين للتأكد من استيفاء الشروط والمعلومات. في حال وجود نواقص أو مشاكل في الطلب قد يتم رفضه مبدئيًا وإبلاغك بالأسباب عبر خدمة القضايا الإلكترونية، لذا يمكن تصحيحها وإعادة التقديم. أما إذا قُبلت الشكوى، فستصلك رسالة SMS وبريد إلكتروني بتأكيد تسجيل الدعوى لدى مكتب العمل. لاحقًا، سيتم إشعارك عبر رسالة نصية بتفاصيل موعد الجلسة الأولى التي سيحددها مكتب العمل للنظر في الشكوى. من المهم جدًا متابعة حالة الشكوى إلكترونيًا (من خلال حسابك في بوابة الوزارة) بشكل دوري، لمعرفة أي تحديث أو إشعار جديد بخصوص الدعوى.
8. حضور جلسات التسوية الودية: في الموعد المحدد، عليك الحضور شخصيًا (سواء حضوريًا في مقر مكتب العمل أو عبر الاتصال المرئي إذا تم تحديد ذلك) للقاء لجنة التسوية الودية. سيُدعى أيضًا صاحب العمل (الطرف الآخر) للحضور أو المشاركة. خلال هذه الجلسة ستستمع اللجنة إلى أقوالك وأدلتك، وكذلك ردود صاحب العمل، ثم تحاول اللجنة التوفيق بينكما وإيجاد حل وسط ودي إذا أمكن. احرص على الحضور في الموعد المحدد وعدم التغيب، لأن غيابك بدون عذر قد يؤدي إلى حفظ الشكوى (إغلاقها مؤقتًا). وإذا حدث وتعذرت عليك الحضور، لديك مهلة 21 يوم عمل لطلب إعادة فتح الشكوى المحفوظة مرة أخرى، وإلا سيتم اعتبار الشكوى منتهية. حضورك والتزامك يرسل رسالة جدية ويمنع ضياع حقوقك.

هذه الخطوات كفيلة بإتمام تقديم الشكوى لدى مكتب العمل بنجاح. المميز حاليًا أنك لا تحتاج لزيارة فرع مكتب العمل بنفسك لتقديم الشكوى؛ فبفضل التحول الرقمي يمكنك إنجاز الخطوات كاملة عبر الإنترنت ومن منزلك. وإن كنت تفضل التقديم حضوريًا، فلا بأس أيضًا – يمكنك زيارة فرع مكتب العمل في منطقتك وتعبئة نموذج الشكوى الورقي بمساعدة الموظفين هناك. لكن التقديم الإلكتروني يظل الأسهل والأسرع لمعظم الحالات.

ما هي المستندات والأدلة اللازمة لتقديم شكوى لمكتب العمل؟

عند رفع دعوى عمالية، هناك وثائق أساسية ستحتاج إليها لدعم شكواك وإثبات صحة ادعاءاتك. تأكد من تجهيز ما يلي قبل تقديم الشكوى:

• الهوية الشخصية: إذا كنت مواطنًا فاستخدم الهوية الوطنية، وإن كنت مقيمًا فاستخدم رقم الإقامة/هوية المقيم. يجب أن تكون سارية المفعول.
• عقد العمل: إرفاق نسخة من عقد العمل المبرم بينك وبين صاحب العمل. العقد يثبت العلاقة التعاقدية ويحدد حقوق وواجبات كل طرف، مما يكون مرجعًا أساسيًا في النزاع.
• مستندات الشركة أو صاحب العمل: في حالة الشكوى ضد شركة أو مؤسسة، يُفضل إرفاق نسخة من السجل التجاري أو ترخيص الشركة إن أمكن. هذا للتأكد من بيانات جهة العمل المشكو ضدها. (إن لم تتوفر لديك هذه المستندات يمكن لمكتب العمل الوصول لها عبر قواعد البيانات الحكومية، لذا ليست إلزامية على العامل لكنها مفيدة إذا توفرت).
• الأدلة الداعمة للشكوى: وتشمل أي وثائق أو مراسلات متعلقة بموضوع الشكوى. على سبيل المثال:
  • كشوف الرواتب أو التحويلات البنكية لإثبات تأخر الراتب أو عدم دفعه.
  • إشعارات أو رسائل إلكترونية بينك وبين صاحب العمل تتعلق بالنزاع (مثل مطالبتك بمستحقات أو اعتراضك على إجراء ما ورد صاحب العمل عليك).
  • تقارير طبية في حال كانت الشكوى بسبب إصابة عمل أو وضع صحي تجاهله صاحب العمل.
  • أي مستندات أخرى ذات صلة (مثل إنذارات بالفصل، أو قرار إنهاء خدمة).
• نموذج الشكوى (صحيفة الدعوى): وهو النموذج الذي تم تعبئته إلكترونيًا أو ورقيًا. احتفظ بنسخة منه لنفسك. في حال التقديم الإلكتروني سيتم حفظه في حسابك، أما إن قمت بتقديم شكوى ورقية فاطلب صورة منها مختومة من المكتب.

توفر هذه المستندات معلومات كافية لمكتب العمل عن خلفية الشكوى وأطرافها، مما يساعد على معالجة القضية بسرعة وفعالية. تذكّر أن عدم إرفاق مستندات داعمة قد يضعف موقف الشكوى أو يؤدي لطلب المكتب منك تقديم الوثائق لاحقًا، مما يطيل أمد الإجراءات. لذا جهّز كل ما تستطيع من أدلة منذ البداية لضمان سير الأمور بسلاسة.

اقراء ايضا : تعويض تأخير الرواتب: هل يحق لك تعويض مالي إذا تأخر راتبك؟

ما هي أبرز أسباب ودوافع تقديم شكوى لمكتب العمل؟

تتنوع القضايا والمشكلات التي تدفع العمال إلى رفع شكاوى رسمية عبر مكتب العمل. من المهم الإشارة إلى أن أي انتهاك لنظام العمل أو عقد العمل يمكن أن يكون سببًا مشروعًا لتقديم شكوى. فيما يلي بعض أبرز الأسباب الشائعة التي تجعل العمال يتوجهون إلى مكتب العمل لاسترداد حقوقهم:

• تأخير الرواتب أو عدم دفعها: يعد تأخر دفع الأجور الشهرية أو الامتناع عن دفعها بالكامل من أكثر الشكاوى شيوعًا. فالعامل يعتمد على راتبه كحق أساسي، وتأخيره يعد مخالفة صريحة لنظام العمل.
• الفصل التعسفي دون مبرر مشروع: أي إنهاء خدمة العامل بشكل تعسفي أو مخالف لنظام العمل (مثلاً الفصل دون إنذار مسبق أو بدون سبب مقبول) يعطي العامل الحق في التظلم وطلب تعويض عن فصل غير مشروع.
• الحرمان من المستحقات النظامية: مثل عدم صرف مكافأة نهاية الخدمة عند انتهاء عقد العمل، أو حرمان الموظف من رصيد الإجازات أو بدل السفر أو أي مستحقات أخرى نص عليها عقد العمل أو نظام العمل.
• ساعات العمل الإضافية دون أجر: إجبار العامل على العمل لساعات تتجاوز الساعات القانونية (8 ساعات يوميًا لمعظم المهن) دون دفع بدل إضافي يعد انتهاكًا يستوجب الشكوى.
• الخصومات غير المبررة من الراتب: قيام صاحب العمل باقتطاع مبالغ من راتب الموظف دون وجه حق أو دون اتباع الإجراءات النظامية (مثل فرض غرامات غير منصوص عليها) يعد مخالفة.
• سوء المعاملة أو التحرش في بيئة العمل: سواء كانت المعاملة السيئة لفظيًا أو جسديًا أو أي شكل من الاضطهاد أو العنف الذي يتعرض له العامل من قبل صاحب العمل أو المدير المسؤول. يحق للعامل التقدم بشكوى لوقف هذه الممارسات وحمايته منها.
• مخالفات بنود العقد أو نظام العمل: كتكليف العامل بمهام خطيرة دون توفير وسائل السلامة، أو نقل العامل إلى فرع آخر أو تغيير مسماه الوظيفي خلافًا للعقد، أو عدم منحه أيام الراحة الأسبوعية والإجازات السنوية حسب النظام.
• شكاوى خاصة للعمالة الوافدة ضد الكفيل: مثل احتجاز جواز السفر، أو إجبار العامل على العمل لدى غير كفيله، أو عدم تجديد الإقامة في وقتها مما يسبب للعامل مخالفات، أو أي استغلال يتعلق بنظام الكفالة القديم. السلطات السعودية أتاحت تقديم شكوى ضد الكفيل للحد من مثل هذه الانتهاكات، ويتم التعامل معها بجدية لحماية العمالة الوافدة.

هذه مجرد أمثلة شائعة، لكن المعيار الأساسي: إذا شعرت بأن حقًا من حقوقك التي كفلها نظام العمل السعودي أو عقد عملك قد انتُهك ولم تفلح المحاولات الودية مع صاحب العمل لحله، فلا تتردد في رفع الأمر إلى مكتب العمل. فدور المكتب هو إنصاف العامل والتأكد من تطبيق القوانين. وقد أكدت التجارب أن مكتب العمل يتعامل بجدية مع مختلف أنواع الشكاوى دون انتقاص، لذا مهما كان موضوع مشكلتك ستجد لديهم آذانًا صاغية وإجراءات عادلة.

كم تستغرق معالجة الشكوى في مكتب العمل؟ – المدة والإجراءات الزمنية

من الأسئلة التي تتبادر لذهن كثير من المتقدمين بالشكوى: ما المدة التي يستغرقها مكتب العمل للنظر في الشكوى وحلها؟ يحدد النظام السعودي إطارًا زمنيًا لمكتب العمل لمحاولة التسوية الودية قبل إحالة القضية للقضاء. بشكل عام، يمكن توضيح المدد التقريبية كما يلي:

• مهلة التسوية الودية (21 يومًا): منح نظام العمل السعودي مكتب العمل مهلة أولية مدتها 21 يوم عمل لمحاولة حل الخلاف بشكل ودي. خلال هذه الفترة تبذل اللجنة المكلفة جهودها لجمع الأطراف ومحاولة الوصول لحل يرضي الطرفين، سواء بدفع المستحقات أو أي تسوية أخرى. غالبًا ما تُعقد جلسة أو أكثر خلال هذه المهلة بحسب تعقيد القضية. كثير من القضايا تُحل فعليًا ضمن هذه الفترة إذا أبدى صاحب العمل تعاونًا.
• التمديد إلى 45 يومًا إضافية: إذا انقضت 21 يومًا دون التوصل إلى اتفاق، جرت العادة أن يُمنح مكتب العمل تمديدًا إضافيًا يصل إلى 45 يومًا أخرى كحد أقصى لمحاولة التسوية. تُحتسب الـ 45 يومًا من تاريخ انتهاء المهلة الأولى، وهي بمثابة فرصة ثانية وأخيرة لمحاولة الحل الودي. قد يتم خلال هذه الفترة عقد اجتماعات إضافية أو إعطاء مهلة لصاحب العمل لتنفيذ وعوده (مثلاً دفع الرواتب المتأخرة خلال أسبوعين).
• إحالة القضية إلى المحكمة العمالية: إذا انتهت المهلة الثانية (الإجمالية قد تصل حوالي 66 يومًا) دون نجاح التسوية الودية، ينتهي دور مكتب العمل في هذه المرحلة. يقوم المكتب بتحرير محضر رسمي بتعذر الصلح يفيد بأن النزاع لم يُحل وديًا. يحق حينها لصاحب الشكوى التوجه إلى المحكمة العمالية المختصة مباشرة لاستكمال المطالبة عبر القضاء. المحضر الصادر عن مكتب العمل سيكون وثيقة أساسية تُرفق مع صحيفة الدعوى عند تقديمها للمحكمة لإثبات استنفاد محاولة الصلح.
• الاستجابة الأولى من مكتب العمل: يجدر بالذكر أنه غالبًا ما يتلقى العامل ردًا أو إشعارًا مبدئيًا خلال أيام قليلة من تقديم الشكوى – في كثير من الأحيان خلال أسبوع. هذا الرد يكون إما تحديد موعد جلسة أو طلب معلومات إضافية. لذا يُنصح بمتابعة حالة الشكوى باستمرار كما ذكرنا.
• حالة عدم تجاوب المكتب أو تأخره: في حالات نادرة، إذا لم يتخذ مكتب العمل أي إجراء وظلت الشكوى دون تقدم لمدة طويلة (مثلاً شهر)، يحق للعامل تصعيد الأمر. فبحسب الإرشادات، في حال عدم تجاوب مكتب العمل خلال 30 يومًا من تقديم الشكوى، يمكن للعامل التوجه مباشرة إلى المحكمة العمالية مع إثبات تقديمه للشكوى وعدم البت فيها. لكن هذه حالة استثنائية جدًا لأن غالبية الشكاوى يتم معالجتها ضمن الإطار الزمني المذكور أعلاه.

باختصار، قد تأخذ عملية التسوية الودية في مكتب العمل من بضعة أسابيع إلى بضعة أشهر كحد أقصى (حوالي شهرين ونصف في أقصى الحالات). هذه المدة تعتبر معقولة مقارنة بالإجراءات القضائية، وتهدف لإعطاء فرصة كافية للحل السلمي. إن صبرك خلال هذه الفترة ومتابعتك المستمرة مفيدان، وتذكر أنه بمجرد انتقال القضية إلى المحكمة، ستخضع لمواعيد الجلسات القضائية والتي قد تضيف مزيدًا من الوقت حتى صدور الحكم. لذا يُفضل دائمًا استثمار مرحلة مكتب العمل ومحاولة حل النزاع فيها قدر الإمكان تجنبًا لإطالة أمد القضية.

اقراء ايضا : تأخير الرواتب في القطاع الخاص: ماذا يقول القانون وكيف تحمي حقك المالي؟

ماذا يحدث بعد تقديم الشكوى في مكتب العمل؟

بعد أن تقدّم شكواك رسميًا وتتلقى إشعار قبولها، قد تتساءل عن الخطوات التالية وكيف ستسير الأمور من تلك النقطة. إليك ما يمكنك توقعه:

• مراجعة الشكوى وإخطار صاحب العمل: يقوم فريق مكتب العمل المختص بدراسة الشكوى ومرفقاتها. إذا وجدوا أن البيانات مكتملة وموضوع الشكوى ضمن اختصاص المكتب، يتم إرسال إشعار رسمي لصاحب العمل (المدعى عليه) بوجود دعوى مقدمة ضدهhrsd.gov.sa. يُبلّغ صاحب العمل بتفاصيل الشكوى وموعد الجلسة المحددة للبحث فيها، كما يُزوّد بنسخة من صحيفة الدعوى ليراجعها ويحضّر ردوده. هذا الإشعار غالبًا يتم عبر رسالة جوال SMS أو البريد الإلكتروني وعبر حساب المنشأة في بوابة الوزارة.
• جلسة التسوية الودية الأولى: في اليوم والوقت المحددين للجلسة، يحضر الموظف وصاحب العمل (أو من ينوب عنه قانونيًا) أمام لجنة مكتب العمل. تكون الجلسة في غالب الأحيان بمقر مكتب العمل أو عن بعد عبر الاتصال المرئي. يدير الجلسة مُصلح من مكتب العمل لديه دراية بنظام العمل، حيث يستمع لكل طرف ويطرح الأسئلة لتوضيح النقاط الخلافية. الهدف الرئيس هو الوصول إلى حل مُرضٍ للطرفين وتوثيقه. قد يطرح المصلح بعض المقترحات مثل جدولة دفع المستحقات على دفعات، أو إعادة العامل لوظيفته إذا كان الفصل غير مشروع، وغير ذلك من الحلول الوسط.
• التوصل إلى تسوية وديّة: إذا نجحت الجهود ووافق الطرفان على حل ودي (مثلاً: يدفع صاحب العمل المبلغ المتأخر أو يمنح العامل مستحقاته وينهي النزاع)، تقوم اللجنة بتحرير محضر صلح رسمي يتضمن بنود الاتفاق. يُوقع كل من العامل وصاحب العمل على المحضر ويُعتبر ملزمًا للطرفين. يُختم المحضر من مكتب العمل وتُعطى منه نسخ للطرفين، كما يتم رفعه إلكترونيًا على النظام. محضر الصلح هذا له قوة السند التنفيذي؛ أي إذا أخلّ أحد الطرفين لاحقًا ببنوده يمكن للطرف الآخر تقديم المحضر للمحكمة لتنفيذه جبريًا. لكن عادةً التزام الأطراف بالصلح يكون عاليًا خاصة أنه تم بالتراضي.
• فشل التسوية الودية: أما إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال جلسات التسوية (مثلاً أصر صاحب العمل على رفض دفع المستحقات، أو تمسك كل طرف بموقفه)، تقوم لجنة المكتب بإصدار محضر تعذّر الصلح النهائي. هذا المحضر يوضح أن الخلاف تعذّر حله وديًا رغم محاولات المكتب. عند هذه المرحلة سيُنهي مكتب العمل متابعته للشكوى، ويُبلِّغ العامل بأنه بإمكانه تصعيد القضية. محضر عدم الصلح مهم جدًا لأنه شرط للتقاضي أمام المحكمة العمالية؛ حيث يجب إرفاقه عند رفع الدعوى للقضاء كدليل على استنفاد الحل الودي.
• رفع الدعوى إلى المحكمة العمالية: بعد استلامك محضر تعذّر التسوية، يمكنك البدء بإجراءات رفع قضيتك إلى المحكمة العمالية المختصة في مدينتك. حاليًا أصبح الأمر ميسرًا عبر منصة ناجز (بوابة الخدمات العدلية) التابعة لوزارة العدل، حيث يمكنك تقديم صحيفة دعوى عمالية إلكترونيًا وإرفاق المحضر وجميع المستندات. ستقوم المحكمة بمراجعة ملف الدعوى وتحديد جلسة قضائية لنظرها. يجدر التنويه أن جميع الدعاوى العمالية أصبح ممكنًا رفعها إلكترونيًا بالكامل عبر ناجز تسهيلاً على المتقاضين، وذلك بعد استكمال المتطلبات لدى مكتب العمل.
• صدور الحكم القضائي والتنفيذ: عندما تنظر المحكمة العمالية في الدعوى وتستمع للطرفين وشهودهم (إن وجدوا) وتتفحص الأدلة، ستصدر حكمًا قضائيًا ملزمًا. إذا كان الحكم لصالح العامل (المدعي)، فسيُلزَم صاحب العمل بأداء الحقوق المحددة (مثل دفع مبالغ مالية أو تعويض أو إعادة العامل لوظيفته حسب منطوق الحكم). يجب على الطرف الخاسر تنفيذ الحكم خلال مهلة 14 يومًا من اكتساب الحكم الصفة القطعية. إذا انقضت المدة ولم ينفذ المحكوم عليه ما طُلب منه، يمكن للطرف الفائز التقدم بطلب تنفيذ لدى محكمة التنفيذ، وحينها قد تُفرض عقوبات قانونية على الممتنع (مثل غرامات مالية أو إيقاف خدمات) لإجباره على التنفيذ. هذه الخطوة تؤكد حرص السلطات على ضمان حقوق العمال بالقوة الجبرية إذا لزم الأمر، فلا يكفي صدور الحكم بل يُتابع تنفيذه حتى يحصل العامل على حقه كاملًا.

باختصار، رحلة الشكوى تبدأ بمحاولة حل ودي عبر مكتب العمل، وإن نجحت فقد انتهى الأمر بشكل سريع وودي. وإن فشلت، فالنظام يفتح الباب للانتقال إلى القضاء العمالي لضمان عدم ضياع الحق. الكثير من القضايا تنتهي بالصلح في مرحلة مكتب العمل توفيرًا للوقت والجهد، ولكن في الحالات التي تستدعي حكمًا قضائيًا فإن المحاكم العمالية ووزارة العدل تضمن سير العملية بفعالية وعدالة حتى النهاية.

هل يمكنني تقديم شكوى مكتب العمل إلكترونيًا وعن بعد؟

نعم، تقديم الشكوى إلكترونيًا ممكن وسهل للغاية. في الواقع، حرصت وزارة الموارد البشرية (وزارة العمل) على رقمنة خدماتها لتسهيل الوصول إليها. يمكنك رفع الدعوى العمالية عبر الإنترنت كما شرحنا في خطوات التقديم أعلاه، دون الحاجة لمراجعة فرع المكتب شخصيًا. كل ما عليك هو امتلاك حساب في موقع الوزارة وتوفير المعلومات والوثائق المطلوبة إلكترونيًا. خدمة الشكاوى الإلكترونية متاحة لجميع العاملين وأصحاب العمل في المملكة على حد سواء.

إضافة إلى ذلك، وبعد انتهاء دور مكتب العمل، وفرت وزارة العدل أيضًا إمكانية رفع الدعاوى العمالية قضائيًا إلكترونيًا عبر بوابة ناجز دون الحاجة للذهاب إلى المحكمة. أي أنك تستطيع متابعة قضيتك من مرحلة الشكوى الإدارية وحتى المرحلة القضائية عن بعد بالكامل. هذا التطور جزء من خطة التحول الرقمي في المملكة لتسهيل خدمات الجمهور. لذا لا داعي للقلق إن لم تستطع زيارة مكتب العمل؛ طالما لديك اتصال إنترنت، يمكنك إيصال شكواك ومتابعتها بسهولة. وإن احتجت لأي مساعدة في استخدام المنصات الإلكترونية، يمكنك الاتصال على رقم الدعم أو طلب استشارة قانونية (كما سنذكر فيما بعد) لترشدك خلال الخطوات.

الجدير بالذكر أيضًا أنه يتوفر الرقم الموحد 19911 لخدمة عملاء وزارة الموارد البشرية، حيث يمكنك من خلاله الاستفسار عن إجراءات تقديم الشكاوى أو أي أمور متعلقة بنظام العمل وشكاوى العمال. هذه الخدمة الهاتفية مخصصة للمواطنين والمقيمين وتعمل على الإجابة عن الاستفسارات ومساعدة المتصلين في حل المشكلات التي تواجههم. فإذا واجهتك أي عقبة أثناء التقديم الإلكتروني، لا تتردد في الاتصال بهذا الرقم وطلب المساعدة أو توضيح ما التبس عليك.

كيف أقدم شكوى ضد الكفيل أو الشركة عبر مكتب العمل؟

يظن بعض العاملين الوافدين أن تقديم شكوى ضد الكفيل أمر صعب أو قد يعرضهم لمتاعب، ولكن الحكومة السعودية وفرت الحماية الكاملة للعمال ضد أي تعسف من قبل أصحاب العمل أو الكفلاء. آلية الشكوى ضد الكفيل هي نفسها المتبعة لأي شكوى عمالية أخرى، فلا يوجد تمييز في الإجراءات بين شكوى عامل سعودي أو وافد. إليك توضيح ذلك:

• الحق في الشكوى مكفول للجميع: سواء كنت عاملًا سعوديًا أو أجنبيًا، لديك الحق في اللجوء إلى مكتب العمل عند انتهاك حقوقك. وقد شهدت بعض الحالات قيام بعض الكفلاء بممارسات غير قانونية مثل اضطهاد العمالة الوافدة أو تعنيفها أو حرمانها من الأجور. لذا أتاحت السلطات تقديم الشكاوى ضد الكفلاء لوقف هذه الممارسات. يتم التعامل مع شكواك بسرية وجدية تامة، فلا يملك الكفيل أن يلحق بك ضررًا لمجرد تقديمك شكوى رسمية.
• اتباع نفس خطوات التقديم: عند رغبتك في رفع شكوى على كفيلك (سواء بسبب تأخير راتب، أو احتجاز وثائقك، أو سوء معاملة… إلخ)، اتبع نفس الخطوات المذكورة سابقًا لتقديم الشكوى عبر الموقع الإلكتروني لمكتب العمل. اذكر في صحيفة الدعوى أن المشكو ضده هو “الكفيل فلان” ووضّح رقم هويته أو إقامة العامل ورقم المنشأة إن وجد. سيقوم مكتب العمل بالتواصل مع الكفيل كغيره من أصحاب العمل ومتابعة القضية. ربما تحتاج لإرفاق عقد العمل أو أي مستند يثبت العلاقة مع الكفيل.
• جلسات التسوية والمهلة الزمنية: يحاول مكتب العمل حل المشكلة وديًا خلال 21 يومًا وقد تمتد إلى 45 يومًا كما أسلفنا. خلال هذه الفترة قد يتعاون بعض الكفلاء ويقوموا بتصحيح الوضع (مثلاً دفع المستحقات أو إنهاء عقد العامل الذي يرغب بترك العمل دون مماطلة). إن انتهت المهلة بلا حل، يُصدر المكتب قرارًا أو محضرًا نهائيًا إما بالصلح أو بتعذّر التسوية.
• الانتقال إلى المحكمة العمالية: إذا رفض الكفيل الاستجابة ولم يتوصل المكتب لحل، يحق لك رفع دعوى قضائية في المحكمة العمالية. ستتبع نفس الإجراء برفع صحيفة دعوى مرفقًا بها محضر مكتب العمل الذي يثبت عدم الصلح. المحكمة ستنظر قضيتك مثل أي قضية عمالية أخرى، وستُلزَم أنت وكفيلك بحضور الجلسات حتى يصدر الحكم.
• الحماية القانونية للعمالة الوافدة: من المهم أن تشعر بالأمان عند تقديم شكوى ضد كفيلك؛ فالقانون يحميك من أي إجراء انتقامي غير مشروع. وبالعكس، قد يؤدي امتناع الكفيل عن حضور جلسات مكتب العمل أو المحكمة إلى صدور حكم غيابي لصالحك. لذلك لا تقلق من استعمال حقك القانوني. السلطات السعودية وضعت هذه الإجراءات بالأساس لردع أي تجاوزات ضد العمالة وضمان حقوق الوافدين والمواطنين على حد سواء.

باختصار، الكفيل هو كصاحب العمل أمام القانون، إن أحسن الالتزام بواجباته فبها، وإن أساء استغلال سلطته فعليه أن يتحمل التبعات. مكتب العمل والمحكمة العمالية هما.